«الاستغفار عن كل شيء»

ما دعاني إلى تقديم هذا الدعاء والنص الديني ليس ما يحتويه من معان روحانية أو دينية فحسب، ولا ما يتضمَّنه من مشاعر ندم واستغفار وطلب الصفح في مفهومه الديني فقط، بل ما أردت تقديمه هو جزء بسيط من الثقافة الأرمنيَّة وفصاحة لغتها وأدبها ممَّا أشتهر به كثيرون من المفكِّرين والفلاسفة المبدعين ورجال الدين الذين منهم صاحب هـذا الدعاء.

  هذا الفصل جزء من صلاة يوم الأحد تُتلى على شكل تسعة مقاطع، يقرأ المصلي مقطعاً بعد مقطع، وفي نهاية كل مقطع عند عبارة «توبة يا رب» يكرِّر جميع المصلين بصوت عال وخشوع «توبة يا رب»، ثم يرد عليهم المطران الواقف قرب القارئ، وأمام المصلين، وهو في دور الشفيع بقوله «فليغفر الله لكم جميع ذنوبكم».

لم يطلب الكاتب الغفران عن الخطيئة الكبرى التي قد يكون ارتكبها فى يومه، أو في الفترة السابقة، بل فصَّلها إلى أدق التفاصيل من مثل ما ارتكبه من المعاصي والذنوب والزلات والأخطاء والتقصير والتجاوزات.

يتهيأ لي أنَّه حرص على أن لا يعمل أي عمل من أعمال الإنسان في الحياة، المشين منها والمنكـر، المضر منها أو المؤذي، إلا وجاء على ذكره طالباً الغفران من ربه. هذا الدعاء مزيج من التوبة وطلب الغفران ومن الاعتراف والمناجاة.

نص صلاة الاستغفــار

– أذنبت في حق االثالوث الأقدس الآب والابن والروح القدس. مذنب أنا أمام الله.

1- أعترف أمام الله عن جميع الذنوب التي ارتكبتها وأمام مريم العذراء وأمام جميع القديسين وأمامك أيها الآب، لأنَّني أذنبت بخيالي وأقوالي وأفعالي، بارادتي حيناً وأحياناً من دون ارادتي، بعلمي حيناً وأحياناً من دون علمي. 

توبة يا رب.

2- أذنبت بروحي وانفعالاتها، بعقلي وشطحاته، بجسدي وأحساسه.

أذنبت بخلجات نفسي، بالخبث وقلة الاحساس، بالجرأة والجبن، بالتبذير والبخل والبذخ وتأييدي الشر، دافعاً نفسي إلى اليأس والشك.

توبة يا رب.

3- أذنبت بتخيلات عقلي الشريرة، بالنذالة والكراهة والنظرة الخبيثة، بالحسد والنظرة الشريرة في الليل أكان ذلك أم في النهار. مارست أفكار الرذيلة الشهوانيَّة ذكوريَّة كانت أو أنثويَّة أو بهيميَّة ووحشيَّة. بخيالي مارست الفجور وفي منامي مارست أكره الفسوق.

توبة يا رب.

4- أذنبت برغبات جسدي /بالمسايرة واللامبالاة – بالتشدق المقرف/ بتثاؤب النعاس وإثارة غرائزي والعديد من الشهوات المقززة / أذنبت بسمعي بالتطرق إلى الأحاديث المسرة وبعيوني بالنظرات الوقحة. وبقلبي بالرغبات الفاسدة/ بأنفي بالروائح المثيرة وبفمي بالقبلات الشهوانيَّة / وبقلة الهمة والرعونة والسكر.

توبة يا رب.

5- أذنبت بلساني بالذم والنميمة، بالكذب واليمين الكاذبة وحنث اليمين والمجادلة والنفاق والدس والتفاهة والوشاية والسخرية وإثارة الاشاعات باللعن. بالتذمر والشكوى وعدم الرضا والنميمة والمسبَّة.

توبة يا رب.

6- أذنبت بسرقة يدي، بالطمع، بالظلم، بالضرب والقتل والمشاجرة.

توبة يا رب.

7- أذنبت بجميع أجزاء كياني وأعضاء جسدي وبحواسي الخمس وبتحركات روحي الست بالطغيان ودوس الضعفاء، بالغش الدنيء ومنافقة الأقوياء، بتدمير يميني ويساري. ذمَّيت الذين سبقوني، وكنت المثل السيء لمن بعدي.

توبة يا رب.

8- كما أني أذنبت بالخطايا السبع المميتة. 

– بالغرور، بالحسد، بالغضب، بالكسل، بالطمع، بالشراهة، بتوقي للفساد وبمختلف أنواع هذه الخطايا أذنبت. 

توبة يا رب.

9- كما اني أذنبت بحق جميع وصايا الله الملزم منها والمنهي عنها، لأني لم أطبِّق ما كنت ملزماً به، ولم أبتعد عن المنهي عنه. حفظت القانون، ولكن تقاعست عن تطبيقه. دخلت في صفوف المسيحيين، ولكن بسلوكي كنت غير لائق، برغم علمي بالشر لم أتجنبه وبكامل درايتي أبتعدت عن الأعمال الصالحة.

يا ويلي يا ويلي يا ويلي: ماذا أقول وماذا أعترف ؟ إن ذنوبي لا تحصى، أثـامي لا تغفر وجروحي لا تشفى.

توبة يا رب.

وهكذا لنهاية صلاة التوبة.

نُشرت في جريدة «النهار» بتاريخ 8-12-2002.