العمر يمضي والسنوات تمر، وفجأة يكتشف الإنسان منا  الكم  الهائل من الكنوز التي ضيعها وأهدرها بقصد أو من غير قصد.

 وعند سماع كلمة الكنز قد يعتقد البعض لأول وهلة أنها تعني الذهب والجواهر أو الأرصدة النقدية… إلخ. لكن هناك ما هو أغلى من كل ذلك لأن الكنوز المادية معرضة للسرقات أو النهب، أما الكنوز المعنوية والروحانية أي الميتافيزيقية وهي التي نعنيها في هذا المقام فهي أثمن وأهم، بل لا تقدر بثمن، بيد أننا  لا نعرف  قيمتها إلا بعد فقدانها، وأولها الصحة البدنية التي نهملها رغم معرفتنا اليقينية بأهميتها ومعرفتنا أيضاً أن صحتنا إذا تدهورت مرة لا يمكن إعادتها إلى ما كانت عليه بأي حال من الأحوال.

ومن الكنوز أيضاً العلاقات الأسرية الحميمة، وهذا الكنز العظيم نخطئ كثيراً حينما لا  نوليه الأهمية المطلوبة والرعاية اللازمة وسط صخب الحياة وضجيجها، وتترتب على ذلك مشكلات وتعقيدات سنجني ثمارها ندماً ومتاعب لا حصر لها، سواء أكنا أزواجاً  أم أولياء أمور أم أبناء.

إن اهتمامنا بالتواصل وتوطيد العلاقات بالأهل والأقارب وكل ما يمت لنا بصلة على قدر كبير من الأهمية، ولن يتحقق لنا الحبور والهدوء النفسي إلا بالعلاقات الطيبة مع الأخوة والأخوات والآباء وكل الأقرباء، كما يجب الاحتفاظ بالأصدقاء والرفاق وهم عملات نادرة اليوم، فمن لديه صديق صدوق الآن فليحتفظ به ككنز لا ينفد، فالصديق الصدوق ركيزة للزمن وواحة نستظل بها في قيز الحياة.
كنيستنا الأرمنية يجب أن تكون بأهمية البيت الذي نعتني به ونحافظ عليه من ناحية التقرب منها وحضور فعالياتها وطقوسها والتبرع بسخاء لها، لأن وجودها من وجودنا، وهي تغطي جوانب مهمة من حياتنا الروحانية والثقافية، كما تمثل وجودنا السياسي أيضاً  في المنابر والمنتديات العديدة التي تتواجد فيها وترسخ حضورنا الفعلي كشعب وأمة وتدافع عن قضيتنا  بإخلاص .

أما أهم ما يجب الانخراط  فيه وتقديم المساهمة الفعلية له فهو الوطن والشعب الأرمني،  لأن الوطن والشعب أهم دعائم العزة والكرامة الإنسانية، والشخص السوي المغوار صاحب  النخوة لا يستطيع العيش بلا انتماء وطني . اما إنتماؤنا نحن الأرمن للبلدان التي نعيش فيها ونحمل جنسياتها فهو
أمر مفروغ منه ولا مجال للتقصير تجاهها ولا تردد في التضحية بالأرواح وبالغالي والنفيس من اجل وطن احتضننا وساندنا ورضعنا منه مقوماتنا المادية والمعنوية، ولاقيمة لنا من دون هذه الاوطان التي ننتمي اليها بجانب وطننا الأم أرمينيا وأينما كان الموقع  الجغرافي بدءاً من سوريا ولبنان لغاية الأرجنتين مروراً بمصر والأردن وفرنسا وأميركا وغيرها من بلدان المهجر الواسع فلن ننسى أبداً فضلها علينا .