الفعاليات والطقوس المصاحبة لأعياد الميلاد (ورأس السنة) الجديدة عند الأرمن كتبت عنها سابقاً في جريدة «القبس»، ولا أرى داعياً لتكرارها، ولكن لدى الأرمن الكثير لقوله في مثل هذه المناسبات السعيدة والمميَّزة حيث يجلس الإنسان مع نفسه ويراجع حصاد موسم السنة الفائتة ويحاسب نفسه على ما فعله، فيلوم نفسه على الأخطاء التي ارتكبها ويتألم للخسائر التي تكبَّدها، كما أنَّه يفتخر ويسعد في قرارة نفسه لكل انجازاته ونجاحاته.

كما أن بداية السنة هي فرصة ومناسبة معهودة للإكثار من التمنيات والرغبات التي يتوقعها الإنسان خلال السنة التالية لنفسه ولأهله وأحبائه وشعبه ووطنه متجاهلاً قول الشاعر:

«ما كل ما يتمنى المرء يدركه       تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن».

وإنَّني هنا في هذه المناسبة السعيدة ومن منبر «القبس» أشكر هذه الجريدة أولاً لإتاحتها الفرصة لي لنشر مقالاتي من خلال صفحاتها وافساحها المجال أمامي للتعبير عن رأيي بحرية في ما يخص المواضيع الثقافية ذات الصلة بالقضية الأرمنيَّة وذات الصبغة السياسيَّة والاجتماعيَّة، كما أشكر دولة الكويت لما تقدِّمه لي ولأهلي وللجالية الأرمنيَّة من حسن الضيافة وكرم العيش الهني والاحترام لمعتقداتنا وتيسير أمورنا المعيشية كأفراد أو مؤسسات بشكل مستمر، كما أشكر شعب الكويت وكل من تعرَّفت إليه في مجال عملي أو في حياتي الإجتماعيَّة متمنياً للجميع سنة جديدة خيِّرة مليئة بالبركة ومفعمة بالسلام.

أمَّا تمنياتي للسنة الجديدة فهي ليست كثيرة من الله سبحانه وتعالى، وهو العطوف الكريم ولا حدود لقدراته وعطاياه ويا ليته يمنحني بعضاً منها فهو خير الواهبين، فأنا أتمنى أولاً أن يعطيني وأهلي الصحة والعافية ويحفظ لي عملي ويباركه ويحفظ الكويت وأهلها من كل مكروه ليبقى عزيزاً محروساً إلى الأبد.

أتمنى أصدق التمني أن يحلَّ كرب بلدي ومسقط رأسي سوريا الحبيبة ويفرج عنها الغمامة السوداء في أقرب وقت وأحسن وسيلة، والأمنية ذاتها أطلبها لوطن أجدادي أرمينيا عسى الله يحلَّ أزماتها مع جيرانها خصوصاً تركيا وأذربيجان – ليرفعوا عنها الحصار البغيض المفروض منذ أكثر من عقدين مسببين لها الأذى والمعاناة اليومية، كما أتمنى أن تجد قضايانا السياسيَّة وخلافاتنا القديمة والحالية معهما الحل السليم والعادل.

وعلى المستوى الرسمي الكويتي رجائي أن يبادر الصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية العربيَّة إلى تطبيق شعاره القائل (نساعد الشعوب ليساعدوا أنفسهم) أولاً بأول هذه السنة مع الشعب الأرمني في أرمينيا، ذلك الشعب النشيط المنتج المبدع والوفي والمساند الدائم للقضايا العربيَّة والكويتيَّة بمنحة مالية أو اقتصاديَّة ينهض بها من معيشة الفرد ويرفع من مستواه الاقتصادي والاجتماعي ليشارك الأمم المتحضِّرة في مسيرة التنمية والتمدن الرفيع.

كما أتمنى على أصحاب الاختصاص والمسؤولين الراشدين فيها ذوي القلوب الكبيرة والمتفهِّمة المعطاء (وما أكثرها) بتخصيص قطعة أرض للجالية الأرمنيَّة في مكان مناسب لبناء مدرسة وكنيسة معاً مع ملحقاتهما للفعاليات الرياضيَّة والاجتماعيَّة والثقافيَّة لجمعهم في بيئة ومحيط صحي سليم يليق بالحضارة العريقة التي ينتمون إليها ويكونون للكويت ممتنين امتناناً صادقاً عظيماً وكل عام وأنتم بخير وعساكم من عوادة.

نشرت في جريدة «القبس» بتاريخ 7-1-2006 تحت عنوان «تمنيات أرمنية ومحبة وسلام للعالم».