الكتاب وصناعة الكلمة في حياة الشعب الأرمني 

   ( بمناسبة الذكرى الخمسمائة  للطباعة الأرمنيَّة )   

    ليس صدفة بل الأغلب انه  تنسيق موفق يُشكر القائمين عليه ، ان تحتفل ارمينيا هذه السنة بمناسبتين مهمتين عزيزتين في وقت واحد. وتتقدم الى العالم كدولة وشعب محب للكتاب وشغوف بصناعة الكلمة .  فكانت بداية صناعة الكتاب بأسلوبه الحديث على طريقة جوتنبرك للطباعة بالارمني  قبل 500 سنة ، والتي يحُتفل بها هذه السنة . وهكذا  كان لأرمينيا سبق الريادة  بين الكثير من الدول و الشعوب التي كانت لها حضور وإمكانيات أكبر بكثيرمن هذه الدولة الصغيرة في تلك الازمان. 

    إن تبني الأرمن المبكّر لفكرة إستخدام المطابع الحديثة والميسرة لطباعة الكتب ليس له تفسير اخرغيرحبهم وولعهم الشديد للعلم والثقافة وعلوم الدين والرغبة في  نشر المبادئ الاخلاقية السامية لدى جموع الشعب.  كذلك هو وسيلة  لحفظ الارث الحضاري الثمين للثقافة والعلوم الإنسانية التي خلفها الاجداد الأفاضل منذ اختراع الأبجدية الأرمنية في سنة 405 . وكان قد رسخها الشعب بخط اليد للحفاظ عليها وصونها كأمانة نفيسة طوال الأزمان المنصرفة  برغم الظروف السياسية والامنية الصعبة التي فرضت عليه لقرون متتالية .وأبرز الكوارث إحراق واتلاف أكثر من 10 الآف كتاب ووثيقة ارمنية كانت محفوظة بمكتبة بغداد عند غزو المغول  لها واحراق مكتبتها العامرة بكل علوم العالم  سنة 1170 فتحولت كما نعلم  الى رماد فتلف ماتبقى من الكتب ورُمي في نهر دجلة  . 

 تحتفل مدينة يريفان عاصمة ارمينيا باختيار اليونسكو لها هذه السنة كعاصمة للكتاب العالمي  2012  وهذه هى المناسبة العزيزة الثانية للتي ذكرتها في مقدمة المقالة والتي اريد الاحتفاء بها أيضا بجانب ذكرى الخمسمائة سنة للطباعة.

 فيوجد في يريفان متحف الكتب (ماديناتاران) ذات المبنى المعماري الفخم والموقع المميز ، والذي يزخر بكمية هائلة من كنوز المنمنات والايقونات والكتب والوثائق المصورة في غاية الندرة وعالية القيمة المادية والمعنوية حيث يحتوي على كثير من المخطوطات السريانية واليونانية والرومانية واللاتينية والعربية والعبرية والفارسية والاثيوبية والهندية في مجالات التاريخ والطب والفلسفة والآداب والعلوم والفلك والكيمياء والموسيقى والحقوق والحساب . وكذلك توجد مخطوطات لشعوب سادت ثم بادت وكتب نادرة تم حفظها منذ قرون .كما توجد نسخ  نادرة من القرآن الكريم . وأبلغ مايمكن الاستشهاد به في هذا الخصوص هو كلام قادة الفاتحين العرب منذ مايقارب 1400 سنة حين قالوا وبدهشة” اننا الان دخلنا مملكة الكتب “. 

     إن الارمن هم الشعب الوحيد الذي يحتفل  بيوم للمترجمين وهذا اليوم يكون بمثابة “عيد قومي ”  وهذا يدل على مدى محبتهم للكتاب والكلمة الجميلة فهم يقدسون المترجمين مثلهم مثل الابطال والقديسين ، وبفضل الترجمة فقد تعّرفت الشعوب على آفاق علوم ومعارف وثقافات الشعوب الاخرى وأطباعها و إنتاجها الفكري . وبل زاد عليها . كما ان هنالك كثير من الترجمات الارمنية لنصوص مفقودة في لغتها الاصلية . 

     إن الارمن هم الشعب الوحيد الذي يحتفل  بيوم للمترجمين وهذا اليوم يكون بمثابة “عيد قومي ”  وهذا يدل على مدى محبتهم للكتاب والكلمة الجميلة فهم يقدسون المترجمين مثلهم مثل الابطال والقديسين ، وبفضل الترجمة فقد تعّرفت الشعوب على آفاق علوم ومعارف وثقافات الشعوب الاخرى وأطباعها و إنتاجها الفكري . وبل زاد عليها . كما ان هنالك كثير من الترجمات الارمنية لنصوص مفقودة في لغتها الاصلية . 

   إن الكتاب الارمني هو جزء مهم في فسيفساء الحضارة العالمية وله مساحة ومكانة خاصة في حفظ الذاكرة الانسانية على مر القرون . فالكتاب والطباعة لعبا دوراً مميزاً في نهضة الشعب وثقافته. وقد ساهم  هذا في تحسين مداركه من الناحية الثقافية والانسانية ، علماً بأن طباعة اول كتاب ارمني تمت في البندقية ايطاليا سنة 1512  اي بعد 6 عقود فقط  من اختراع الطباعة في المانيا . وهذه  تُعتبر فترة قياسية في معايير تلك الازمان . ومن ثم  انتشرت الطباعة بشكل مكثف في شتى المجالات مما ادّى الى تغيير وتحسين نمط تفكير النخبة والعامة معاً وكذلك تقدير قيمة الكلمة ومعناها .فمنذ طباعة اول كتاب في سنة 1512 كما ذكرنا ولغاية 1920  تم طباعة 20000 من اهم الكتب العالمية  باللغة الارمنية في كل من مدينة مدراس الهند – وروما وفيينا – ثم باريس واصفهان وامستردام وسانت بيطرسبرك واسطنبول وتبليسي وشوشي ومن ثم يريفان كما إن للارمن باع طويل منذ قرون في الكتابة والطباعة باللغة الارمنية والعربية في العواصم والمدن العربية مثل القدس وحلب وبيروت ودمشق وبغداد .  فقد كان رزق الله حسون الحلبي الارمني الأصل 1825-1880   أول من طبع جريدة عربية بمفرده وهي  جريدة “مرآة الاحوال ” التي صدرت في اسطنبول في عام 1855 . بذلك يعتبر حسون جد الصحافة العربية كما قال عنه فيليب دي طرازي المتخصص الاول في تاريخ الصحافة العربية . وللعلم كانت مطبعة  بطريركية الأرمن في القدس اول مطبعة على الاطلاق في المدينة و قد طُبعت فيها الاف المطبوعات بلغات عديدة  والمطبعة تعمل لغاية  الان .     

إن احتفالات هذة السنة  2012  وخاصة في مرحلته الأخيرة سوف تسلط الضوء على أكبرقدرممكن من التعريف والدعاية  والتواصل بمعجزة الكتاب والأدب الارمني إلى جانب الامسيات الأدبية والمنتديات على أعلى المستويات الرسمية . فتقام معارض متخصصة  للكتب الأثرية الأرمنية والتي يُحتفظ بها في المكتبات والمتاحف الاجنبية . كما يعرض الكثير من الكتب المستعارة  من النسخ  النادرة وتكون في متناول المهتمين .

كما سيتم التركيز على عرض تاريخ وتطور وقيمة الكتاب والأدب الارمني الراقي حول العالم وفي معارض الكتب التجارية العالمية . كذلك في مكتبة الكونجرس الامريكي ومكتبة سانت ماركو في فنيسيا وفي مكتبات فرنسا ورومانيا وبلغاريا والصين وهولندا والمانيا ومكتبة الاتحاد الروسي الوطنية . كما في سانت بيطرسبورك عاصمة روسيا الثقافية والتي وحدها تحتوي على 75000 كتاب من ضمنهم 93 مخطوطة أثرية  ، بجانب الكثير من المخطوطات والكتب المزينة والمزخرفة بكافة فنونهما  .

ان احتفالات العاصمة يريفان كعاصمة للكتاب 2012 وذكرى 500 عام للطباعة الارمنية ليس فقط مشاركة مشرفة من الشعب الارمني حول العالم في ذكرى تأسيس وتطويرمجالات الطباعة و الفكر والادب وصيانته  بل لتذكيير الاجيال الفتية بالخطوات المقدسة المباركة التي مهدها لهم  الآباء الاجلاء العباقرة منذ تاريخ اختراع الحرف مروراً باختراع الطباعة ايام جوتنبرك ولغاية اليوم  يوم الانترنت.

فعلاُ، كانت مناسبتان مهمتان عزيزتان على قلبي في وقت واحد، ولا يمكن تفويتهما وعدم الكتابة عنهما من مواطن مثلي شغوف في الأدب ومبهور بصناعة الكلمة وله احتكاك مباشر معها بشكل مكثف ويحب الكتاب ويهوى المطالعة بشكل يومي، وفي نفس الوقت يعتز ويفتخر لاختيار عاصمة وطنه “يريفان” كعاصمة للكتاب العالمي لسنة 2012 من قبل اليونسكو، إلى جانب الذكرى الخمسمائة سنة لظهور الطباعة ألارمنية، حيث تجرى احتفالات كبيرة ومميزة للإحتفاء بالمناسبتين من قبل الدولة الأرمنية وجمعيات الفكر والأدب، جنباً إلى جنب مع العروض الفنية والمعارض الثقافية والكثير من الاستعراضات التكريمية لمواكبة المناسبتين.

 ورغم أن صناعة الكلمة وتشكيل فكر الإنسان الارمني بواسطة الكتاب المقروء بدأت يوم اكتشاف الأبجدية الأرمنية قبل 1600 سنة، لكن كانت الكتب المنسوخة باليد نادرة وشحيحة كما هي الحال عند بقية الشعوب، ولا يمكن أن تصل إلى يد غالبية أبناء الشعب ولا حتى لهولاء الراغبين بشغف قراءة لآلئ الكتب، ناهيك عن إمكانية شرائها أو حيازتها، وكان إختراع جوتنيرك الذي فتح أبواب طباعة الكتب بالجملة وبأسعار تجارية قد مكَّن العالم من طباعة الكتب بجميع لغات الشعوب بسهولة ويسر.

وقد تعودت أن أنشر مقالاتي من خلال الجرائد العربية الثلاثة وهي “القبس” الكويتية و”النهار” اللبنانية و”الحياة” اللندنية الذين غالباً ما يقومون باختصار بعض محتويات المقالة وفقاً لسياسات وقواعد النشر لديهم، لكنهم نشروا مقالاتي مشكورين، بما فيها هذه المقالة الطويلة نسبياً من دون اختصار، واستطعت بواسطتهم إبداء آرائي باسهاب حول المناسبتين، وتوصيل انجازات آبائنا الأجلاَّء الأوائل عن استخدام وسائل طباعة الكتب والنشرات بأسلوب اختراع كوتنبرج، ونشر العلم والمعرفة والثقافة الأرمنية الراقية حول العالم في تلك الأوقات المبكِّرة، سابقة كثيراً من الأمم التي تفوق الشعب الأرمني عدةً وعدداً.

نشرت في جريدة «النهار»  بتاريخ 19/10/2012

وجريدة «القبس» بتاريخ 31/10/2012

وجريدة «الحياة» بتاريخ  08/12/2013


    ليس صدفة بل الأغلب انه  تنسيق موفق يُشكر القائمين عليه ، ان تحتفل ارمينيا هذه السنة بمناسبتين مهمتين عزيزتين في وقت واحد. وتتقدم الى العالم كدولة وشعب محب للكتاب وشغوف بصناعة الكلمة .  فكانت بداية صناعة الكتاب بأسلوبه الحديث على طريقة جوتنبرك للطباعة بالارمني  قبل 500 سنة ، والتي يحُتفل بها هذه السنة . وهكذا  كان لأرمينيا سبق الريادة  بين الكثير من الدول و الشعوب التي كانت لها حضور وإمكانيات أكبر بكثيرمن هذه الدولة الصغيرة في تلك الازمان. 

    إن تبني الأرمن المبكّر لفكرة إستخدام المطابع الحديثة والميسرة لطباعة الكتب ليس له تفسير اخرغيرحبهم وولعهم الشديد للعلم والثقافة وعلوم الدين والرغبة في  نشر المبادئ الاخلاقية السامية لدى جموع الشعب.  كذلك هو وسيلة  لحفظ الارث الحضاري الثمين للثقافة والعلوم الإنسانية التي خلفها الاجداد الأفاضل منذ اختراع الأبجدية الأرمنية في سنة 405 . وكان قد رسخها الشعب بخط اليد للحفاظ عليها وصونها كأمانة نفيسة طوال الأزمان المنصرفة  برغم الظروف السياسية والامنية الصعبة التي فرضت عليه لقرون متتالية .وأبرز الكوارث إحراق واتلاف أكثر من 10 الآف كتاب ووثيقة ارمنية كانت محفوظة بمكتبة بغداد عند غزو المغول  لها واحراق مكتبتها العامرة بكل علوم العالم  سنة 1170 فتحولت كما نعلم  الى رماد فتلف ماتبقى من الكتب ورُمي في نهر دجلة  . 

 تحتفل مدينة يريفان عاصمة ارمينيا باختيار اليونسكو لها هذه السنة كعاصمة للكتاب العالمي  2012  وهذه هى المناسبة العزيزة الثانية للتي ذكرتها في مقدمة المقالة والتي اريد الاحتفاء بها أيضا بجانب ذكرى الخمسمائة سنة للطباعة.

 فيوجد في يريفان متحف الكتب (ماديناتاران) ذات المبنى المعماري الفخم والموقع المميز ، والذي يزخر بكمية هائلة من كنوز المنمنات والايقونات والكتب والوثائق المصورة في غاية الندرة وعالية القيمة المادية والمعنوية حيث يحتوي على كثير من المخطوطات السريانية واليونانية والرومانية واللاتينية والعربية والعبرية والفارسية والاثيوبية والهندية في مجالات التاريخ والطب والفلسفة والآداب والعلوم والفلك والكيمياء والموسيقى والحقوق والحساب . وكذلك توجد مخطوطات لشعوب سادت ثم بادت وكتب نادرة تم حفظها منذ قرون .كما توجد نسخ  نادرة من القرآن الكريم . وأبلغ مايمكن الاستشهاد به في هذا الخصوص هو كلام قادة الفاتحين العرب منذ مايقارب 1400 سنة حين قالوا وبدهشة” اننا الان دخلنا مملكة الكتب “. 

     إن الارمن هم الشعب الوحيد الذي يحتفل  بيوم للمترجمين وهذا اليوم يكون بمثابة “عيد قومي ”  وهذا يدل على مدى محبتهم للكتاب والكلمة الجميلة فهم يقدسون المترجمين مثلهم مثل الابطال والقديسين ، وبفضل الترجمة فقد تعّرفت الشعوب على آفاق علوم ومعارف وثقافات الشعوب الاخرى وأطباعها و إنتاجها الفكري . وبل زاد عليها . كما ان هنالك كثير من الترجمات الارمنية لنصوص مفقودة في لغتها الاصلية . 

     إن الارمن هم الشعب الوحيد الذي يحتفل  بيوم للمترجمين وهذا اليوم يكون بمثابة “عيد قومي ”  وهذا يدل على مدى محبتهم للكتاب والكلمة الجميلة فهم يقدسون المترجمين مثلهم مثل الابطال والقديسين ، وبفضل الترجمة فقد تعّرفت الشعوب على آفاق علوم ومعارف وثقافات الشعوب الاخرى وأطباعها و إنتاجها الفكري . وبل زاد عليها . كما ان هنالك كثير من الترجمات الارمنية لنصوص مفقودة في لغتها الاصلية . 

   إن الكتاب الارمني هو جزء مهم في فسيفساء الحضارة العالمية وله مساحة ومكانة خاصة في حفظ الذاكرة الانسانية على مر القرون . فالكتاب والطباعة لعبا دوراً مميزاً في نهضة الشعب وثقافته. وقد ساهم  هذا في تحسين مداركه من الناحية الثقافية والانسانية ، علماً بأن طباعة اول كتاب ارمني تمت في البندقية ايطاليا سنة 1512  اي بعد 6 عقود فقط  من اختراع الطباعة في المانيا . وهذه  تُعتبر فترة قياسية في معايير تلك الازمان . ومن ثم  انتشرت الطباعة بشكل مكثف في شتى المجالات مما ادّى الى تغيير وتحسين نمط تفكير النخبة والعامة معاً وكذلك تقدير قيمة الكلمة ومعناها .فمنذ طباعة اول كتاب في سنة 1512 كما ذكرنا ولغاية 1920  تم طباعة 20000 من اهم الكتب العالمية  باللغة الارمنية في كل من مدينة مدراس الهند – وروما وفيينا – ثم باريس واصفهان وامستردام وسانت بيطرسبرك واسطنبول وتبليسي وشوشي ومن ثم يريفان كما إن للارمن باع طويل منذ قرون في الكتابة والطباعة باللغة الارمنية والعربية في العواصم والمدن العربية مثل القدس وحلب وبيروت ودمشق وبغداد .  فقد كان رزق الله حسون الحلبي الارمني الأصل 1825-1880   أول من طبع جريدة عربية بمفرده وهي  جريدة “مرآة الاحوال ” التي صدرت في اسطنبول في عام 1855 . بذلك يعتبر حسون جد الصحافة العربية كما قال عنه فيليب دي طرازي المتخصص الاول في تاريخ الصحافة العربية . وللعلم كانت مطبعة  بطريركية الأرمن في القدس اول مطبعة على الاطلاق في المدينة و قد طُبعت فيها الاف المطبوعات بلغات عديدة  والمطبعة تعمل لغاية  الان .     

إن احتفالات هذة السنة  2012  وخاصة في مرحلته الأخيرة سوف تسلط الضوء على أكبرقدرممكن من التعريف والدعاية  والتواصل بمعجزة الكتاب والأدب الارمني إلى جانب الامسيات الأدبية والمنتديات على أعلى المستويات الرسمية . فتقام معارض متخصصة  للكتب الأثرية الأرمنية والتي يُحتفظ بها في المكتبات والمتاحف الاجنبية . كما يعرض الكثير من الكتب المستعارة  من النسخ  النادرة وتكون في متناول المهتمين .

كما سيتم التركيز على عرض تاريخ وتطور وقيمة الكتاب والأدب الارمني الراقي حول العالم وفي معارض الكتب التجارية العالمية . كذلك في مكتبة الكونجرس الامريكي ومكتبة سانت ماركو في فنيسيا وفي مكتبات فرنسا ورومانيا وبلغاريا والصين وهولندا والمانيا ومكتبة الاتحاد الروسي الوطنية . كما في سانت بيطرسبورك عاصمة روسيا الثقافية والتي وحدها تحتوي على 75000 كتاب من ضمنهم 93 مخطوطة أثرية  ، بجانب الكثير من المخطوطات والكتب المزينة والمزخرفة بكافة فنونهما  .

ان احتفالات العاصمة يريفان كعاصمة للكتاب 2012 وذكرى 500 عام للطباعة الارمنية ليس فقط مشاركة مشرفة من الشعب الارمني حول العالم في ذكرى تأسيس وتطويرمجالات الطباعة و الفكر والادب وصيانته  بل لتذكيير الاجيال الفتية بالخطوات المقدسة المباركة التي مهدها لهم  الآباء الاجلاء العباقرة منذ تاريخ اختراع الحرف مروراً باختراع الطباعة ايام جوتنبرك ولغاية اليوم  يوم الانترنت.

فعلاُ، كانت مناسبتان مهمتان عزيزتان على قلبي في وقت واحد، ولا يمكن تفويتهما وعدم الكتابة عنهما من مواطن مثلي شغوف في الأدب ومبهور بصناعة الكلمة وله احتكاك مباشر معها بشكل مكثف ويحب الكتاب ويهوى المطالعة بشكل يومي، وفي نفس الوقت يعتز ويفتخر لاختيار عاصمة وطنه “يريفان” كعاصمة للكتاب العالمي لسنة 2012 من قبل اليونسكو، إلى جانب الذكرى الخمسمائة سنة لظهور الطباعة ألارمنية، حيث تجرى احتفالات كبيرة ومميزة للإحتفاء بالمناسبتين من قبل الدولة الأرمنية وجمعيات الفكر والأدب، جنباً إلى جنب مع العروض الفنية والمعارض الثقافية والكثير من الاستعراضات التكريمية لمواكبة المناسبتين.

 ورغم أن صناعة الكلمة وتشكيل فكر الإنسان الارمني بواسطة الكتاب المقروء بدأت يوم اكتشاف الأبجدية الأرمنية قبل 1600 سنة، لكن كانت الكتب المنسوخة باليد نادرة وشحيحة كما هي الحال عند بقية الشعوب، ولا يمكن أن تصل إلى يد غالبية أبناء الشعب ولا حتى لهولاء الراغبين بشغف قراءة لآلئ الكتب، ناهيك عن إمكانية شرائها أو حيازتها، وكان إختراع جوتنيرك الذي فتح أبواب طباعة الكتب بالجملة وبأسعار تجارية قد مكَّن العالم من طباعة الكتب بجميع لغات الشعوب بسهولة ويسر.

وقد تعودت أن أنشر مقالاتي من خلال الجرائد العربية الثلاثة وهي “القبس” الكويتية و”النهار” اللبنانية و”الحياة” اللندنية الذين غالباً ما يقومون باختصار بعض محتويات المقالة وفقاً لسياسات وقواعد النشر لديهم، لكنهم نشروا مقالاتي مشكورين، بما فيها هذه المقالة الطويلة نسبياً من دون اختصار، واستطعت بواسطتهم إبداء آرائي باسهاب حول المناسبتين، وتوصيل انجازات آبائنا الأجلاَّء الأوائل عن استخدام وسائل طباعة الكتب والنشرات بأسلوب اختراع كوتنبرج، ونشر العلم والمعرفة والثقافة الأرمنية الراقية حول العالم في تلك الأوقات المبكِّرة، سابقة كثيراً من الأمم التي تفوق الشعب الأرمني عدةً وعدداً.