أثلج قلبي كثيراً كما قلوب الكثير من الكويتيين وغيرهم من الشعوب فوز السيدات الأربع في الانتخابات البرلمانية الكويتية، كما شرح صدري منظر قاعة عبد الله السالم في مجلس الأمة يوم افتتاحها التي زادت بهاءً ووقاراً بوجود عضواتها الحسناوات موزعات على مقاعد البرلمان الفاخر أصلاً، وكأنهن الزهور التي كانت تفتقدها لوحة بستان المجلس أحادي اللون أبيض أسود.

قاعة عبد الله السالم الصباح في مجلس الأمة الكويتي

  الكويتيون متفائلون والعالم الديموقراطي الحر أيضاً متفائل، وكذلك المقيمون في الكويت بجميع جنسياتهم وفئاتهم متفائلون بنتائج الانتخابات التي حملت رياح التغيير الفعلية إلى الحياة السياسية الكويتية. رياح لم تستطع عبور أبواب البرلمان طوال الفترة الماضية لأسباب معروفة للجميع، وها هي أخيراً تندفع إلى الصميم دفعة واحدة وبقوة وستفعل كما المتوقع فعلتها الفاعلة لتصحيح مسار الأداء البرلماني الكويتي وانتشاله من حالة هيمنة بعض الفئات على مقدراته وفرض وصايتها على المجتمع إلى حالة الانفتاح والانشراح التي بدورها ستؤدي إلى الازدهار والرفاهية وإعادة الكويت إلى مكانتها الرائدة في جميع الحقول التي كانت تتبوأها من عقود، اقتصاداًً كان أم إعماراً، تعليماً كان أم صحة، فكراً كان أم أدباً، سينما كانت أم مسرحاً، وكذلك على بقية أوجه الحياة الحضارية المتمدنة المنفتحة التي جبل عليها الشعب الكويتي منذ مئات السنين واشتهرت بها.

ليس فوز السيدات الفاضلات الأربع وقدرتهن الفائقة على شق طريقهن إلى البرلمان ما أسعدني بحد ذاته، بل إن المفرح الحقيقي في الظاهرة هو أرقام الأصوات الهائلة تلك التي حصلن عليها، التي إن دلت على شيء، فإنما تدل على تغيير ثقافة المجتمع الكويتي السياسي الإيجابي أولاً، وكذلك تغيير تطلعاته نحو الانطلاق إلى الموضوعية وإتباع مسيرة الديموقراطية العصرية بحق، وعدم الانجراف خلف الشعارات ثانياً.

«جاور السعيد تسعد» مثل معروف منطقي ومقنع يجري تداوله في كل المجتمعات، ومن هنا تنطلق بأنه كما للكويتيين الحق في الشعور بالسعادة والتفاؤل في برلمانهم الجديد، كذلك المقيمين الشرفاء لهم حق الاحساس بالسعادة والتفاؤل ذاته، لأن وجود الأعضاء الخمسين من الذكور والاناث في غالبيتهم كفاءات مثقفة عصرية التعليم والتجربة الواسعة، لا بد أن يخلق من الأجواء التي تشرع فيها القوانين والقرارات الصائبة لمصلحة البلد بأكمله، وعندئذ يعمل للمصلحة العامة وتصل نتائجها إلى الكويتي والمقيم معاً، وكذلك بموجب تشكيلة مجلس الوزراء الموقَّر الجديد الذي نتوسم فيه الخير أيضاً، لا بد أن البلد سيتوجه إلى بناء القواعد المتينة للتنمية التي تختلف كثيراً في الفترة السابقة عن محيطه الخليجي بشهادة الكويتيين أنفسهم، ومن هذا المنطلق، فإن المقيم على مختلف مستوياته سيستفيد من الوضع الجديد والظروف الحسنة فيزيدون العطاء ويعم الخير للجميع.

مواضيع عديدة تهم المقيم ومتوقع من البرلمان حلها. منها المواضيع الساخنة مثل «البدون» ومشكلة أولاد وأزواج الكويتيات المتزوجات من غير الكويتيين، وما يتعلق بهم من صعوبات إقامة وطبابة وسكن وخلافه.

المعروف عموماً أنه لا دولة الكويت ولا ألمانيا، لا دولة الإمارات ولا انكلترا كان بإمكانها إعمار بلدانها على مستواها الحالي الراقي والفترة الزمنية القياسية، لو لم تستعين بخبرات ومشاركات الأجانب علماء ومهندسين ومديرين وأطباء كانوا أو فئة العمال ومثلهم الكثير من الدول التي بعضها وصل إلى أعلى مستويات العظمة والقوة والازدهار بفضل علماء ومبدعين وأيد عاملة ماهرة جلبت  باغراءات مجزية لتطوير بلدانهم مثل أميركا وفرنسا وكندا، ومنهم من فتح باب الهجرة والجنسية لاستقطابهم ومنحهم ظروفاً معيشية آمنة للاستقرار والتفرغ للعمل والانتاج والاندماج في نسيج المجتمع الأصلي ورفع طاقة الدولة البشرية المؤهلة بهم مثل كندا واستراليا.

أتمنى على الدورة البرلمانية الحالية، خصوصاً من الأخوات الفاضلات أداءً مميزاً راقياً ومنتجاً لإقناع من كان عنده الشك بقدرة العنصر النسائي في موقع القيادة، وليتأكد أن فعاليتهن لا تقل عن غيرهن، بل تزيد في بعض المجالات ولا يخيبن ظن الذين أيَّدوهن بالأصوات أو الدعم المعنوي من داخل الكويت وخارجها بواسطة الكثير من المنتديات والمنابر العالمية وعلى أرفع المستويات وليعرفن أنَّهن كسيدات الكويت أصبحن نبراساً ونموذجاً يحتذى به من قبل سيدات المجتمع حول العالم وخاصة السيدات العربيات منهن. 

حفظ الله الكويت وشعبها من كل مكروه.

نشرت في جريدة «القبس» بتاريخ 17-6-2009.

بصفتي من المؤيدين لحقوق النساء، فرحت كثيراً بوصول أربع عضوات كويتيات بالانتخاب إلى مقاعد مجلس الأمة، بعد سجالات وجدالات مطولة حول حق المرأة الكويتيَّة بوجه عام وحقها في التصويت والترشيح إلى مناصب عالية كمناصب في الوزارات أو عضوات في مجلس الأمة بشكل خاص.

وقد سبق انتخاب عضوات أربع دفعة واحدة كنائبات في مجلس الأمَّة الكويتي مناقشات وسجالات وهجوم وهجوم مضاد ومشادات متبادلة وحملات اعلامية على صفحات الجرائد وفي المنتديات والمؤتمرات العديدة، فيما يخص حق المرأة الكويتيَّة بوجه عام وحقها في التصويت والترشيح إلى مناصب عالية كمناصب في الوزارات أو عضوات في البرلمان بشكل خاص.

 كان الجدال محتدماً  سواءً على المستوى المحلي أو العالمي حيث الكثير من الجمعيات العالميَّة لحقوق الإنسان أو جمعيات حقوق المرأة كانت تبدي رأيها في المناقشات التي كانت تدور في الكويت حول هذا الموضوع، وكذلك العديد من رؤساء الجمهوريات ووزراء الخارجية  حول العالم أيضاً كانوا يؤيِّدون الفكرة بتصريحاتهم التي كانت تصطدم بمعارضة بعض الفئات المعروفة بعدائها لحقوق المرأة ومنهم البرلمانيون الذين كانوا يشكِّلون الأغلبية في البرلمان الكويتي ويستطيعون إسقاط أي مشروع قانون مقدَّم من الأعضاء المنفتحين لإعطاء المرأة حق التصويت.

ولحسن الحظ في النهاية، وبعد مخاض عسير تمَّ صدور قانون حق المرأة في الانتخاب/ وفعلاً تم انتخاب أربع عضوات دفعة واحدة في الدورة البرلمانية الثانية للحصول على حق الترشيح وكانت مناسبة عظيمة على المستوى العالمي والمحلي. وحيث أنَّني كنت من المؤيِّدين لحق المرأة بوجه عام اعتبرت الحدث نصراً لأفكاري وعبَّرت عن فرحتي بالمناسبة وهنَّأت العضوات المنتخبات.